كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وفي المعنى أربعة أقوال.
أحدها: تَعَحَّبون، قاله ابن عباس، ومجاهد، وعطاء، ومقاتل.
قال الفراء: تتعجَّبون ممّا نَزَل بكم في زرعكم.
والثاني: تَنَدَّمون، قاله الحسن، والزجاج.
وعن قتادة كالقولين.
قال ابن قتيبة: يقال: {تفكَّهون} تَنَدَّمون، ومثلها: تَفَكَّنونَ، وهي لغة لعُكْلٍ.
والثالث: تتلاومون، قاله عكرمة.
والرابع: تتفجَّعون، قاله ابن زيد.
قوله تعالى: {إنّا لَمُغْرَمونَ} قال الزجاج: أي: تقولون: قد غَرِمْنا وذهب زرعنا.
وقال ابن قتيبة: {لَمُغْرَمونَ} أي: لَمُعَذَّبون.
قوله تعالى: {بل نحن محرومون} أي: حُرِمْنا ما كنّا نطلبه من الرّيع في الزرع.
وقد نبَّه بهذا على أمرين.
أحدهما: إنعامه عليهم إذ لم يجعل زرعهم حُطامًا.
والثاني: قدرته على إهلاكهم كما قدر على إهلاك الزرع.
فأمّا المُزْن، فهي السَّحاب، واحدتها: مُزْنة.
وما بعد هذا ظاهر إلى قوله: {تُورُونَ} قال أبو عبيدة: تستخرجون، من أَوْرَيت، وأكثر ما يقال: وَرَيت.
وقال ابن قتيبة: التي تَستخرجون من الزُّنود.
قال الزجاج: {تورون} أي: تقدحون، تقول: أَوريتُ النّار: إذا قدحتَها.
قوله تعالى: {أأنتم أنشأتم شَجَرَتَها} في المراد بشجَرَتها ثلاثة أقوال.
أحدها: أنها الحديد، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: أنها الشجرة التي تُتَّخذ منها الزُّنود، وهو خشب يُحَكُّ بعضُه ببعض فتخرج منه النار، هذا قول ابن قتيبة، والزجاج.
والثالث: أن شجرتها: أصلُها، ذكره الماوردي.
قوله تعالى: {نحن جَعَلْناها تَذْكِرَةً} قال المفسرون: إذا رآها الرائي ذكر نار جهنم، وما يخاف من عذابها، فاستجار بالله منها {ومتاعًا} أي: منفعة {للمقوين} وفيهم أربعة أقوال.
أحدها: أنهم المسافرون، قاله ابن عباس، وقتادة، والضحاك.
قال ابن قتيبة: سموا بذلك لنزلهم القَوَى، وهو القفر.
وقال بعض العلماء: المسافرون أكثر حاجة إِليها من المقيمين، لأنهم إِذا أوقدوها هربت منهم السباع واهتدى به الضال.
والثاني: أنهم المسافرون والحاضرون، قاله مجاهد.
والثالث: أنهم الجائعون، قال ابن زيد: المقوي: الجائع في كلام العرب.
والرابع: أنهم الذين لا زاد معهم ولا مردَّ لهم، قاله أبو عبيدة.
قوله تعالى: {فسبح باسم ربك العظيم} قال الزجاج: لما ذكر ما يدل على توحيده، وقدرته، وإنعامه، قال: {فسبح} أي: برِّء الله ونزّهه عما يقولون في وصفه.
وقال الضحاك: معناه: فصل باسم ربك، أي: استفتح الصلاة بالتكبير.
وقال ابن جرير: سبح بذكر ربك وتسميته.
وقيل: الباء زائدة.
والاسم يكون بمعنى الذات، والمعنى: فسبح ربك.
قوله تعالى: {فلا أقسم} في (لا) قولان.
أحدهما: أنها دخلت توكيدًا.
والمعنى: فأقسم، ومثله {لئلا يعلم أهل الكتاب} [الحشر: 29] قال الزجاج: وهو مذهب سعيد بن جبير.
والثاني: أنها على أصلها.
ثم في معناها قولان.
أحدهما: أنها ترجع إلى ما تقدم، ومعناها: النهي، تقدير الكلام: فلا تكذبوا، ولا تجحدوا ما ذكرته من النعم والحجج، قاله الماوردي.
والثاني: أنَّ (لا) ردّ لما يقوله الكفار في القرآن: إنه سحر، وشعر، وكهانة.
ثم استأنف القسم على أنه قرآن كريم، قاله علي بن أحمد النيسابوري.
وقرأ الحسن: {فلأقسم} بغير ألف بين اللام والهمزة.
قوله تعالى: {بمواقع} وقرأ حمزة، والكسائي: {بموقع} على التوحيد.
قال أبو علي: مواقعها: مساقطها.
ومَنْ أَفْرَدَ، فلأنه اسم جنس.
ومَنْ جَمَعَ، فلاختلاف ذلك.
وفي {النجوم} قولان.
أحدهما: نجوم السماء، قاله الأكثرون.
فعلى هذا في مواقعها ثلاثة أقوال.
أحدها: انكدارها وانتثارها يوم القيامة، قاله الحسن.
والثاني: منازلها، قاله عطاء، وقتادة.
والثالث: مغيبها في المغرب، قاله أبو عبيدة.
والثاني: أنها نجوم القرآن، رواه ابن جبير عن ابن عباس.
فعلى هذا سميت نجومًا لنزولها متفرقة، ومواقعها: نزولها {وإنه لَقَسَمٌ} الهاء كناية عن القسم.
وفي الكلام تقديم وتأخير، تقديره: وإنه لقسم عظيم لو تعلمون عِظَمَهُ.
ثم ذكر المقسم عليه فقال تعالى: {إِنه لقرآن كريم} والكريم: اسم جامع لما يحمد، وذلك أن فيه البيان، والهدى، والحكمة، وهو مُعَظَّم عند الله عز وجل.
قوله تعالى: {في كتاب} فيه قولان.
أحدهما: أنه اللوح المحفوظ، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه المصحف الذي بأيدينا، قاله مجاهد، وقتادة.
وفي {المكنون} قولان.
أحدهما: مستور عن الخلق، قاله مقاتل، وهذا على القول الأول.
والثاني: مصون، قاله الزجاج.
قوله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون} من قال: إنَّه اللوح المحفوظ.
فالمطهرون عنده: الملائكة، وهذا قول ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وسعيد بن جبير.
فعلى هذا يكون الكلام خبرًا.
ومن قال: هو المصحف، ففي المطهرين أربعة أقوال.
أحدها: أنهم المطهرون من الأحداث، قاله الجمهور.
فيكون ظاهر الكلام النفي، ومعناه النهي.
والثاني: المطهرون من الشرك، قاله ابن السائب.
والثالث: المطهرون من الذنوب والخطايا، قاله الربيع بن أنس.
والرابع: أن معنى الكلام: لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به، حكاه الفراء.
قوله تعالى: {تنزيل} أي: هو تنزيل.
والمعنى: هو منزل، فسمي المنزل تنزيلًا في اتساع اللغة، كما تقول للمقدور: قدر، وللمخلوق: خلق.
قوله تعالى: {أفبهذا الحديث} يعني: القرآن {أنتم مدهنون} فيه قولان.
أحدهما: مكذّبون، قاله ابن عباس، والضحاك، والفراء.
والثاني: ممالئون الكفار على الكفر به، قاله مجاهد.
قال أبو عبيدة: المدهن، المداهن، وكذلك قال ابن قتيبة: {مدهنون} أي: مداهنون.
يقال: أدهن في دينه، وداهن {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} روى مسلم في صحيحه من حديث ابن عباس قال: مطر الناس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أصبح من الناس شاكر، ومنهم كافر» قالوا: هذه رحمة وضعها الله حيث شاء.
وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا، وكذا، فنزلت هذه الآية {فلا أقسم بمواقع النجوم} حتى بلغ {أنكم تكذبون}.
وروى البخاري ومسلم في (الصحيحين) من حديث زيد بن خالد الجهني، قال «صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة بالحديبية على إثْرِ سماءٍ كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس، فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر. فأما المؤمن فقال: مطرنا بفضل الله وبرحمته فذلك مؤمن بي، كافر بالكواكب. وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذاك كافر بي مؤمن بالكواكب».
وللمفسرين في معنى هذه الآية ثلاثة أقوال.
أحدها: أن الرزق هاهنا بمعنى الشكر.
روت عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: {وتجعلون رزقكم} قال: {شكركم}، وهذا قول علي بن أبي طالب، وابن عباس، وكان علي يقرأ {وتجعلون شكركم}.
والثاني: أن المعنى: وتجعلون شكر رزقكم تكذيبكم، قاله الأكثرون.
وذلك أنهم كانوا يمطرون، فيقولون: مطرنا بنوء كذا.
والثالث: أن الرزق بمعنى الحظ، فالمعنى: وتجعلون حظكم ونصيبكم من القرآن أنكم تكذبون، ذكره الثعلبي.
وقرأ أبي بن كعب، والمفضل عن عاصم {تَكْذِبون} بفتح التاء، وإسكان الكاف، مخفَّفة الذال.
قوله تعالى: {فلولا} أي: فهلاَّ {إذا بلغت الحلقوم} يعني: النَّفْس، فترك ذِكرها لدلالة الكلام، وأنشدوا من ذلك:
إِذا حَشْرَجَتْ يَوْمًَا وضَاقَ بِهَا الصَّدْرُ

قوله تعالى: {وأنتم} يعني أهل الميت {تنظرون} إلى سلطان الله وأمره.
والثاني: تنظرون إلى الإنسان في تلك الحالة، ولا تملكون له شيئًا {ونحن أقرب إليه منكم} فيه قولان.
أحدهما: ملك الموت أدنى إليه من أهله {ولكن لا تبصرون} الملائكة، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: ونحن أقرب إليه منكم بالعلم والقدرة والرؤية {ولكن لا تبصرون} أي: لا تعلمون، والخطاب للكفار، ذكره الواحدي.
قوله تعالى: {غير مدينين} فيه خمسة أقوال.
أحدها: محاسبين، رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال الحسن، وابن جبير، وعطاء، وعكرمة.
والثاني: موقنين، قاله مجاهد.
والثالث: مبعوثين، قاله قتادة.
والرابع: مجزيين.
ومنه يقال: دنِته، وكما تدين تدان، قاله أبو عبيدة.
والخامس: مملوكين أذَّلاء من قولك: دِنت له بالطاعة، قاله ابن قتيبة.
قوله تعالى: {ترجعونها} أي: تردُّون النَّفْس.
والمعنى: إن جحدتم الإله الذي يحاسبكم ويجازيكم، فهلاَّ تردُّون هذه النَّفْس؟! فإذا لم يمكنكم ذلك، فاعلموا أن الأمر لغيركم.